رمضانيات / 13 رمضان 432هـ

بواسطة almthaghaf- يوم السبت، أغسطس 13، 2011 القسم : 0 تعليقات
الْغَضَب

تعريف الغضب

عَرَّف الغضبَ جمعٌ من علماء اللغة وغيرهم ، واختلفت العبارات ،
واتفقت الثمرة فكلمة ( الغضب ) يدرك معناها الصغير ،
 والكبير بلا تكلف أو تعب فتوضيح الواضحات - كما يقال -
 من الفاضحات ، وقد يزيده غموضا
 وإشكالا قال المناوي –رحمه الله تعالى –
" والغضب كيفية نفسانية وهو بديهي التصور "ا.هـ ( )
ومع ذلك لابد من ذكر شيء من ذلك :
قال القرطبي -رحمه الله تعالى- " والغضب
في اللغة : الشدة ، ورجل غضوب أي شديد الخلق ،
والغضوب الحية الخبيثة ؛ لشدتها , والغضبة :
الدرقة من جلد البعير يطوى بعضها على بعض سميت بذلك لشدتها " ا.هـ ( )
وقيل في معناه : تغيُّر يحصل عند فوران دم القلب
ليحصل عنه التشفي في الصدر .( )
وقيل : الغضب إرادة الإضرار بالمغضوب عليه .


*********************


الهدي القرآني في معالجة الغضب


قال تعالى:
(وَلَقَدْ نَعْلَمُ أَنَّكَ يَضِيقُ صَدْرُكَ بِمَا يَقُولُونَ (97) فَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ
وَكُن مِّنَ السَّاجِدِينَ (98) وَاعْبُدْ رَبَّكَ حَتَّى يَأْتِيَكَ الْيَقِينُ) (الحجر 97-99)
يبين الله لرسوله صلي الله عليه وآله وسلم - وللأمة كلها من خلفه -
كيف يعالج الغضب باللجوء إليه سبحانه بالتسبيح بحمده و السجود
وفي الذكر والسجود استنصار بالله وأوجه إعجاز سوف نتطرق
لها لاحقاً إن شاء الله تعالى الهدي القرآني في مكافحة الغضب
قال تعالى:
(..الَّذِينَ يُنفِقُونَ فِي السَّرَّاء وَالضَّرَّاء وَالْكَاظِمِينَ الْغَيْظَ وَالْعَافِينَ عَنِ النَّاسِ وَاللّهُ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ) [آل عمران 134] .
( وَلا تَسْتَوِي الْحَسَنَةُ وَلا السَّيِّئَةُ ادْفَعْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ فَإِذَا الَّذِي بَيْنَكَ وَبَيْنَهُ عَدَاوَةٌ كَأَنَّهُ وَلِيٌّ حَمِيمٌ) [ فصلت 34 ] .


***********

الهدي النبوي في منع وقوع الغضب.

سبع قواعد نبوية نورانية .
إن من فضل الله تعالى على المسلمين أن جعل لهم قدوة يقتدون بها؛
 تتمثل فيها مكارم الأخلاق التامة؛ التي أخذت من مشكاة النبوة وذلك
هو رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم الذي أثنى عليه ربه
عز وجل فقال" :وإنك لعلي خلق عظيم” ( القلم -4)
ومن مكارم الأخلاق التي عنيت بها السنة وأمر بها القرآن العظيم
مجاهدة نوازع الغضب والحلم؛ وكظم الغيظ؛ والعفو عند المقدرة
حتى في مواجهة المتطاولين والجهلاء .
وقد جاءت السنة النبوية المطهرة بخطة فعالة لمنع وقوع الغضب
 ومن ثم تفادي تأثيره على الفرد والمجتمع.

1- الأمر المباشر "لا تغضب".

عن أبي الدرداء رضي الله عنه قال :"قلت يا رسول الله دلني على
 عمل يدخلني الجنة" قال: "لا تغضب"
(البخاري 6116 صحيح الجامع 7374 الفتح 4/465) .
وعن أبي هريرة رضي الله " أن رجلاً قال للنبي صلى الله عليه وسلم
 أوصني فقال: "لا تغضب" فردد مراراً : "لا تغضب "
(رواه البخاري وَأَحْمَدُ وَالتِّرْمِذِيُّ وَأَبُو يَعْلَى ) .
وخرج الترمذي هذا الحـديث ـ في رواية له ـ ولفظه : عَنْ ابْنِ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا:
قُلْتُ لِرَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قُلْ لِي قَوْلاً وَأَقْلِلْ لَعَلِّي أَعْقِلُهُ،
 قَالَ : ”لا تَغْضَبْ“، فَأَعَدْتُ عَلَيْهِ مَرَّتَيْنِ كُلُّ ذَلِكَ يُرَجِّعُ إلَيَّ ”لا تَغْضَبْ“
وعن عبد الله بن عمرو – رضي الله عنهما – قال :
 قلت يا رسول الله ما يمنعني من غضب الله قال :"لا تغضب" .
 (أخرجه الطبراني في مكارم الأخلاق وابن عبد البر في التمهيد بإسناد حسن وهو عند أحمد)
فالجزاء من جنس العمل ومن ترك شيئاً لله عوضه الله تعالي خيراً منه.
وقد أحصى أحد العلماء -هو الشيخ سليمان العلوان 19 جزاه الله خيراً-
ثلاثاً وخمسين فائدة لهذا الحديث قليل المبنى عظيم الأثر والمعنى،
 وفي ذلك أيضاً إعجاز بياني بلاغي .

2- الترغيب برضا الله و حب الله.

عن ابن عمر -رضي الله عنهما- قال : قال رسول الله -صلى الله عليه وآله وسلم- :
 ”ما من جرعة أعظم أجرا ثم الله من جرعة غيظ كظمها عبد ابتغاء وجه الله“ .
وعن أنس رضي الله عنه قال رسول الله -صلى الله عليه وآله وسلم- :
قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: ”مَنْ ذَكَرَنِي حِينَ يَغْضَبُ ذَكَرْتُهُ حِينَ أَغْضَبُ وَلا أَمْحَقُهُ فِيمَنْ أَمْحَقُ“
 (رواه الديلمي و ابن شاهين)
ومن ذلك قوله صلى الله عليه وسلم
”..ومن كظم غيظاً ولو شاء أن يمضيه أمضاه، ملأ الله قلبه رضاً يوم القيامة“
.(رواه الطبراني)
وقد مدح النبي صلى الله عليه وسلم الأشج - أشج عبد القيس- قائلاً له
 : " إن فيك خصلتين يحبهما الله: الحلم والأناة " (رواه مسلم )

3- الترغيب بالجنة .
عن معاذ بن أنس الجهني رضي الله عنه
 أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم
 قال: " من كظم غيظاً وهو قادر على أن ينفذه دعاه الله على
 رؤوس الخلائق يوم القيامة حتى يخيره من
 الحور العين فيزوجه منها ما شاء ".

4. ترغيب العرب ببيان الشدة والشجاعة في حجز النفس
عن الغضب (و هو ما يحبونه).
وعن أنس رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم مر
 بقوم يصطرعون فقال : " ما هذا ؟"
قالوا فلان لا يصارع أحداً إلا صرعه فقال: النبي صلى الله عليه وسلم:
" أفلا أدلكم على من هو أشد منه ؟ رجل كلمه رجل فكظم غيظه
فغلبه وغلب شيطانه وغلب شيطان صاحبه".
روى أبو هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم
قال: " ليس الشديد بالصرعة إنما الشديد الذي يملك نفسه عند الغضب"
رواه البخاري ومسلم.

5- الترهيب من فساد الإيمان وغضب الله.
وعن أبي مسعود البدري قال: كنت أضرب غلاماً لي بالسوط فسمعت
 صوتاً من خلفي "اعلم أبا مسعود" فلم أفهم الصوت من الغضب،
 قال: فلما دنا مني
 إذا هو رسول الله صلى الله عليه وسلم فإذا هو يقول:
 "اعلم أبا مسعود اعلم أبا مسعود"
 قال: فألقيت السوط من يدي. وفي رواية فسقط من يدي
 السوط من هيبته
 فقال: "اعلم أبا مسعود أن الله أقدر عليك منك على هذا الغلام" ،
 قال:
 فقلت لا أضرب مملوكاً بعده أبداً. وفي رواية فقلت:
يا رسول الله هو
 حر لوجه الله، فقال "أما لو لم تفعل للفحتك النار
 أو لمستك النار" (رواه مسلم)
وعن ابن حكيم عن أبيه عن جده قال:
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " يا معاوية إياك والغضب،
 فإن الغضب يفسد الإيمان كما يفسد الصبر العسل".

6- القدوة بالمثال:
هديه صلى الله عليه وسلم في التحلم والتبسم
 في مواطن الغيظ والغضب للنفس .
وهذه السمة من أخلاقه صلى الله عليه وسلم، واضحة في عدة أحاديث
 من أبرزها: عن أنس رضي الله عنه قال: كنت أمشي
 مع رسول الله صلى الله عليه وسلم، وعليه بُرد نجراني غليظ الحاشية،
فأدركه أعرابي فجبذه بردائه جبذة شديدة، فنظرت إلى صفحة عاتق
النبي صلى الله عليه وسلم ( ما بين العنق والكتف ) وقد أثرت بها
 حاشية البرد، ثم قال: يا محمد مُر لي من مال الله الذي عندك ،
 فالتفت إليه صلى الله عليه وسلم فضحك ، ثم أمر له بعطاء. (متفق عليه فتح الباري ).
ومثل ذلك الموقف الذي حدث مع الحبر اليهودي زيد بن سعنة
والذي انتهى بإسلام هذا اليهودي لتيقنه من أن التحلم في مواطن
الغضب للنفس من سمات النبوة ليكون في ذلك درس عملي نبوي
 لكل مسلم أراد أن يكون داعية، أن التحلم في مواطن
 الغضب للنفس من الأدوات العملية للداعية الناجح.

7- نهي الصائم عن الغضب .

عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
"إذا كان يوم صوم أحدكم فلا يرفث، ولا يصخب، فإن سابه أحد،
 أو قاتله، فليقل إني امرؤ صائم". (متفق عليه)
يكون الصائم أكثر استجابة لدواعي الغضب في آخر النهار
عندما ينقص السكر في الجسم.
فالصائم إذا غضب وانفعل ازداد إفراز الادرينالين 20 إلى 30 ضعفاً عن معدله العادي.

****************

 الغضب المباح :
هو الغضب في غير معصية الله –تعالى- ولم يتجاوز
 حدَّه كأن يجهل عليه أحد ,
وكظمه هنا خير وأبقى
قال تعالى ( وَالْكَاظِمِينَ الْغَيْظَ وَالْعَافِينَ عَنِ النَّاسِ وَاللَّهُ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ)
(آل عمران : 134)
 ومما يُذكر هنا أن جارية لعلي بن الحسين جعلت تسكب عليه الماء ,
 فتهيأ للصلاة , فسقط الإبريق من يد الجارية
على وجهه فشجه , فرفع علي بن الحسين
رأسه إليها ، فقالت الجارية : إن الله -عز وجل - يقول :
(وَالْكَاظِمِينَ الْغَيْظَ)
فقال لها : قد كظمت غيظي . قالت (وَالْعَافِينَ عَنِ النَّاسِ)
فقال لها : قد عفا الله عنك . قالت : (وَاللَّهُ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ)
 قال : اذهبي فأنت حرة ( ).
وتغضب حتى إذا ما ملكتَ :
 أطعتَ الرضا وعصيتَ الغضب ( )
وقال نوح بن حبيب : كنت عند ابن المبارك فألحوا عليه .
فقال : هاتوا كتبكم حتى أقرأ . فجعلوا يرمون إليه الكتب
من قريب ومن بعيد ، وكان رجل من
أهل الري يسمع كتاب الاستئذان
فرمى بكتابه فأصاب صلعة ابن المبارك حرفُ كتابه فانشق ،
 وسال الدم , فجعل ابن المبارك يعالج الدم حتى سكن ثم
قال : سبحان الله كاد أن يكون قتال ثم بدأ بكتاب الرجل فقرأه ( ).
قال ابن حبان –رحمه الله تعالى-
" والخلق مجبولون على الغضب ،
والحلم معا ، فمن غضب وحلم في نفس الغضب
فإن ذلك ليس
 بمذموم ما لم يخرجه غضبه إلى المكروه من القول والفعل
على أن مفارقته في الأحوال كلها أحمد " ا.هـ ( )

*****************

الإعجاز العلمي في الهدي النبوي في معالجة الغضب

اليكم أحد أحد النصائح الطبية لمعالجة الغضب
المنشورة في أحد أهم المواقع الطبية.
**http://www.apahelpcenter.org/articles/article.php?id=30**

Take a “time out” ..counting to 10 before reacting1
خذ فترة صمت وعد إلى عشرة قبل رد فعلك
عن عبد الله بن عباس رضي الله عنهما أن النبي صلى الله عليه وسلم قال:
 " علموا وبشروا ولا تعسروا وإذا غضب أحدكم فليسكت " .
(رواه الإمام أحمد في المسند 1/329 ، وفي صحيح الجامع 693 ، 4027
والطيالسي (2608) والبخاري في الأدب المفرد (245).

Do something physically2
تحرك بجسدك (المعنى: غير وضعك)
عن أبي ذر الغفاري رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال:
" إذا غضب أحدكم وهو قائم فليجلس ، فإن ذهب عنه الغضب وإلا فليضطجع".
 ( مسند أحمد 5/152 و صحيح الجامع رقم 694 وفيض القدير ، المناوي 408
 وأبو داود 4782 وصححه ابن حبان 5688)

Swim3
اسبح (المعنى: باشر الماء)
وفي رواية " إن الغضب من الشيطان وإن الشيطان خلق من النار
 وإنما تطفأ النار بالماء، فإذا غضب أحدكم فليتوضأ ” رواه أحمد 4/226 وأبو داود (4784)

Find ways to calm yourself. Repeat calming word or phrase to yourself such as “Take it easy4!”
كرر كلمة تهدئك مثل خذها ببساطة

عن سلمان بن صرد رضي الله عنه قال : استب رجلان
عند النبي صلى الله عليه وسلم وأحدهما يسب صاحبه
مغضباً قد احمر وجهه. فقال النبي صلى الله عليه وسلم
" إني لأعلم كلمة لو قالها لذهب عنه ما يجد لو قال:
 أعوذ بالله من الشيطان الرجيم“
(رواه البخاري 3108 ، الفتح 6/337 ومسلم 2610 )


Think carefully before you say anything5
فكر بعناية قبل قول أي شيء

روى أبو هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال:
 " ليس الشديد بالصرعة إنما الشديد الذي يملك نفسه عند الغضب"
 رواه البخاري ومسلم.


الهدي النبوي في علاج الغضب أوجه الإعجاز
يعلم النبي – صلي الله عليه وآله وسلم – طبيعة النفس البشرية
ويعلم أن الإنسان لحظة
 حدوث مسببات الغضب قد لا يقوى على كتم غضبه خاصة
 إن كان يغضب لله
 أو لعرضه أو لماله فإذا به يصف العلاج المحمدي المعجز
قبل أن يستفحل الغضب
ويحدث مالا تحمد عقباه في خطة نبوية ووصفة محمدية لعلاج
 الغضب بها سبق طبي معجز
 بعد أن أثبت الطب بعد أربعة عشر قرناً أن كل
ما قاله النبي صلى الله عليه وآله وسلم
 في علاج الغضب له تأثير إيجابي على جسد الغاضب
 بل إنه ينقذه من مخاطر لا يعلم مداها إلا الله .
بشرى النبي صلى الله عليه وسلم لمن يملك نفسه
وعن ابن عباس -رضي الله عنهما- قال :
قال رسول الله -صلى الله عليه وآله وسلم- :
” ثلاثة مَن كنَّ فيه آواه الله في كنفه وستر عليه برحمته
 وأدخله في محبته قيل:
ما هن يا رسول الله؟ قال: مَن إذا أُعطي شكر, وإذا قَدر غفر,
وإذا غَضب فتر” رواه الحاكم 1/214
 وقال : "هذا حديث صحيح الإسناد ". والبيهقي في الشعب 4/154.
د.محمد عبد اللطيف العجرودي
صيدلي و باحث الإعجاز العلمي في القرآن والسنة


***************
السبت 13 رمضان 1432
المثقف
مشاركة

0 تعليقات:

إرسال تعليق